تساعد طبقة الأوزون على حماية الحياة من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، النشاط البشري قد اتلف هذه الطبقة الواقية من الستراتوسفير وبينما تحسنت صحتها، الا انه لا يزال هناك الكثير مما ينبغي فعله..

لنكتشف سبب ثقب الأوزون، وكيف سعى بروتوكول مونتريال لعام 1989 لوضع حد لاستنفاد طبقة الأوزون:


على مدار الثلاثين عامًا الماضية، أحرز البشر تقدمًا في وقف الضرر الذي يلحق بطبقة الأوزون من خلال الحد من استخدام مواد كيميائية معينة، ولكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لحماية واستعادة الدرع الجوي الذي يقع في طبقة الستراتوسفير على ارتفاع 9 إلى 18 ميلاً (15 إلى 30 كيلومترًا) فوق سطح الأرض.

يمتص الأوزون الجوي الأشعة فوق البنفسجية من الشمس، وخاصة الأشعة الضارة من نوع UVB،  يرتبط التعرض لهذه الاشعة بزيادة مخاطر الإصابة بسرطان الجلد وإعتام عدسة العين، فضلاً عن الأضرار التي تلحق بالنباتات والأنظمة البيئية البحرية؛ يوصف أوزون الغلاف الجوي أحيانًا بأنه الأوزون “الجيد” بسبب دوره الوقائي، ولا ينبغي الخلط بينه و بين المتواجد في طبقة التروبوسفي، أو على مستوى الأرض الذي يشار إليه بالأوزون “السيئ”، وهو مكون رئيسي لتلوث الهواء مرتبط أساسا بأمراض الجهاز التنفسي..

الأوزون (O₃) هو غاز شديد التفاعل تتكون جزيئاته من ثلاث ذرات أكسجين، يتقلب تركيزه في الغلاف الجوي بشكل طبيعي على مدار المواسم و انتقالا على خطوط العرض، ولكنه كان مستقرًا بشكل عام عندما بدأت القياسات العالمية في عام 1957.

لكن كشفت الأبحاث الرائدة في السبعينيات والثمانينيات عن علامات متاعب قادمة..

تهديدات الأوزون و”الفجوة “:

إذ في عام 1974، نشر ماريو مولينا و شيروود رولاند، وهما كيميائيان في جامعة كاليفورنيا في إيرفين، مقالًا في مجلة Nature يشرح بالتفصيل، التهديدات التي تتعرض لها طبقة الأوزون بسبب غازات الكلوروفلوروكربون (CFC).

في ذلك الوقت، كانت مركبات الكربون الكلورية فلورية شائعة الاستخدام في بخاخات الأيروسول وكمواد تبريد في العديد من الثلاجات، عندما تصل إلى طبقة الستراتوسفير، تعمل أشعة الشمس فوق البنفسجية على تحطيم مركبات الكربون الكلورية فلورية إلى مواد تحتوي على الكلور.

توصل البحث الرائد – الذي حصلوا بفضله على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1995 – إلى أن الغلاف الجوي له “قدرة محدودة على امتصاص ذرات الكلور” في الستراتوسفير.

إذ يمكن لذرة واحدة من الكلور أن تدمر أكثر من مائة ألف جزيء أوزون، وفقًا لوكالة حماية البيئة الأمريكية، مما يؤدي إلى القضاء على الأوزون بسرعة أكبر بكثير مما يمكن استبداله أي إصلاح الضرر الحاصل لطبقة الأوزون..

تلقى عمل مولينا ورولاند مصادقة مذهلة في عام 1985، عندما اكتشف فريق من العلماء الإنجليز ثقبًا في طبقة الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية تم ربطه لاحقًا بمركبات الكربون الكلورية فلورية.

“الثقب” هو في الواقع منطقة من الستراتوسفير ذات تركيزات منخفضة للغاية من الأوزون والتي تتكرر كل عام في بداية ربيع نصف الكرة الجنوبي (أغسطس إلى أكتوبر) لأن يجلب الربيع ضوء الشمس، الذي يطلق الكلور في غيوم الستراتوسفير.

حالة طبقة الأوزون اليوم:

أدى الاعتراف بالآثار الضارة لمركبات الكربون الكلورية فلورية وغيرها من المواد المستنفدة للأوزون إلى بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون في عام 1987، وهو اتفاق تاريخي للتخلص التدريجي من تلك المواد التي صادقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 197 دولة.

بدون الاتفاقية، كانت الولايات المتحدة ستشهد 280 مليون حالة إضافية من سرطان الجلد،  1.5 مليون حالة وفاة بسرطان الجلد، 45 مليون إعتام عدسة العين، وكان العالم سيكون أكثر سخونة بنسبة 25 في المائة على الأقل.

بعد أكثر من 30 عامًا من بروتوكول مونتريال، وثق علماء ناسا أول دليل مباشر على أن الأوزون في القطب الجنوبي يتعافى بفضل خفض استعمال مركبات الكربون الكلورية فلورية: لقد تقلص استنفاد الأوزون في المنطقة بنسبة 20 في المائة منذ 2005، وفي نهاية عام 2018، أكدت الأمم في تقييم علمي أن طبقة الأوزون تتعافى وتوقعت أنها ستشفى تمامًا في نصف الكرة الشمالي (غير القطبي) بحلول عام 2030، يليها نصف الكرة الجنوبي في 2050 والمناطق القطبية بحلول عام 2060.

مع استمرار مراقبة طبقة الأوزون، لاحظ العلماء أن الانتعاش قد لا يكون مباشرًا كما هو مأمول، اذ وجدت دراسة في أوائل عام 2018 أن الأوزون في طبقة الستراتوسفير السفلى قد انخفض بشكل غير متوقع وغير مفهوم منذ عام 1998، بينما أشارت دراسة أخرى إلى وجود انتهاكات متواصلة محتملة لاتفاقية مونتريال.

العالم ليس في مرحلة الأمان بعد، عندما يتعلق الأمر بالغازات الضارة من المبردات، بعض مركبات الكربون الهيدروكلورية فلورية (HCFCs) و التي هي بدائل انتقالية أقل اتلافا ولكنها لا تزال ضارة بالأوزون، لا زالت قيد الاستخدام.

كما تحتاج البلدان النامية إلى تمويل من الصندوق متعدد الأطراف التابع لبروتوكول مونتريال للقضاء على أكثرها استخدامًا، وهو غاز التبريد R-22، ثم ان الجيل القادم من المبردات الهيدروفلوروكربون (HFCs) لا يستنفد الأوزون لكنه يمثل غازات دفيئة قوية تحبس الحرارة مساهمة في تغير المناخ.

على الرغم من أن مركبات الكربون الهيدروفلورية لا تمثل الا جزءًا صغيرًا من الانبعاثات، مقارنة بثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى إلا أن تأثيرها في تسخين كوكب الأرض دفع إلى إضافة تعديل بروتوكول مونتريال: تعديل كيغالي في عام 2016، يهدف هذا الاخير الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2019، إلى خفض استخدام مركبات الكربون الهيدروفلورية بأكثر من 80 في المائة على مدى العقود الثلاثة المقبلة، في غضون ذلك، تعمل الشركات والعلماء على بدائل صديقة للمناخ بما في ذلك المبردات الجديدة والتقنيات التي تقلل أو تقضي على الاعتماد على المواد الكيميائية.

المصدر:

www.nationalgeographic.com

تحرير و ترجمة: سهى غابري