في العصور القديمة، تصور علماء الفلك أن جميع الأجسام السماوية – الشمس والقمر والكواكب والنجوم – تدور حول الأرض في سلسلة من الكريات البلورية. ولكن مع تطور العلوم الحديثة، كان علماء الفلك أكثر قدرة على فهم مكاننا في الكون.

اكتشفوا أن جميع الكواكب، بما فيها الأرض، تدور حول الشمس بالفعل، لم يكتشفوا فقط الحقيقة البسيطة بأن الكواكب تدور حول الشمس، بل اكتشفوا الأسباب الكامنة وراء ذلك.

ما سلسلة الأحداث التي دفعتنا إلى نظامنا الشمسي الحالي، حيث تدور الكواكب حول الشمس؟

اعتاد علماء الفلك على الاعتقاد بأن الأرض هي مركز النظام الشمسي و لأنّنا على كوكب الأرض، و نشاهد فقط الأجسام التي تعبر مجال رؤيتنا للسماء، فمن الطبيعي أن نفترض أن الأرض هي مركز الكون. والواقع أن هذا المنظور ( المعروف باسم “النزعة الجغرافية” ) كان سبب تخلف كل الحضارات القديمة.

وبدت الشمس والقمر والكواكب والنجوم هي التي تتحرك حول الأرض كل يوم. ولأن الأرض ذاتها لم تتحرك كما يبدو، فقد افترض علماء الفلك من أمثال بطليموس أن الأرض كانت مركز الكون. بل إنها ذهبت إلى حد وضع نماذج مفصلة جدا للتنبؤ بحركات الأجسام بدرجة عالية من الدقة باستخدام هذا النموذج غير الدقيق تماما للنظام الشمسي.

كانت  التوقعات التي قدمها بطليموس تستخدم لوضع التوقعات الفلكية لأكثر من 1500 عام، حتى يأتي نموذج أفضل بكثير.

في الحقيقة الشمس هي مركز النظام الشمسي :

لم يأت نموذج جديد أكثر دقة للنظام الشمسي إلاّ في القرن السادس عشر، حين نشر عالم الفلك البولندي نيكولاي كوبرنيكوس كتابه الذي غيّر الكون: عن ثورة الأجسام السماوية.

وقدأعاد كوبرنيكوس تنظيم النظام الشمسي بدقة، مما وضع الشمس في المركز في نموذج محصن. واحتل كوكب الأرض مكانه الصحيح، ( كوكب آخر يدور حول الشمس) وهو واحد من بين ستة من علماء الفلك في ذلك الوقت.

ولقد ساعد نموذج كوبرنيكوس في الإجابة على سؤالين كان علماء الفلك متعثرين في الإجابة عنهما لعدة قرون: لماذا تشرق الكواكب ثم تصبح عاتمة على مدى عدة أشهر (لأنها تقترب و تبتعد)، ولماذا تبدو الكواكب وكأنها تتحرك في اتجاه رجعي( يسهل تفسيره بسبب تغير مواقع الأرض والكواكب و النجوم الخلفية) .

ولكن لماذا تدور الكواكب حول الشمس؟

السديم الشمسيّ يمكنه وصف طبيعة حركة الكواكب في النظام الشمسي بدقة، لكن العلماء بقي لديهم السؤال الأكثر فطريةً: لماذا تدور الكواكب حول الشمس؟ ما تسلسل الأحداث الذي أدى إلى الحركات الحالية للكواكب حول الشمس؟

ولكي نفسر هذا فيتعين علينا أن ننظر إلى الوراء قبل 4. 6 مليار عام، قبل أن يصبح هناك نظام شمسي. وبدلاً من ذلك، كانت هناك سحابة ضخمة من غاز الهيدروجين خلفها الانفجار العظيم.

وقد أدت بعض الأحداث، مثل انفجار المستعر الأعظم (supernova) المجاور، إلى انهيار الجاذبية في السحابة، مما تسبب في ارتباط ذرات الهيدروجين ببعضها البعض من خلال الجاذبية المتبادلة.

لكلّ ذرة هيدروجين فردية زخمها الخاص، وهكذا عندما تتجمع الذرات معاً في تكتلات أكبر وأكبر من الغاز، فإن الحفاظ على الزخم عبر كل الجسيمات يؤدي إلى دوران هذه الخصل من الغاز.

تخيل شخصين يتصادمان مع بعضهما البعض في منتصف الهواء؛ بعد الاصطدام، سيكون لديهما سرعة دوران واتجاه جديدة بناءً على إضافة اتجاهاتهم الأصلية .

في نهاية المطاف تم جمع كل هذا الهيدروجين معا في الغزل الكبير من الغاز الذي استمر في الانهيار تحت جاذبيته الخاصة. ومع انهياره، بدأ يدور بسرعة أكبر وأسرع، تماماً كما يزيد سحب متزلّج من ذراعيه من سرعة دورانه.

تسطّحت سحابة الغاز والغبار الدوارة بسبب قوة الدوران مع وجود الشمس في المنتصف، ثم تحوّلت لقرص على شكل فطائر من المواد المحيطة بها.

تكوّنت الكواكب من هذا القرص من المادة، فتجمّعت معاً جسيمات الغبار في صخور أكبر وأكبر حتى تتراكم الأجسام بحجم الكوكب.

الكواكب في توازن مثالي :

تدور الكواكب حول الشمس لأنها مخلّفة من تكوّن النظام الشمسي. تعتمد حركتهم الحالية على الجاذبية الأرضية للشمس في مركز النظام الشمسي. بل إنها في واقع الأمر في توازن مثالي.

هناك قوى متعارضة تعمل على الكواكب: الجاذبية التي تسحبها إلى الداخل، والجمود الذاتي لمدار دورانها الذي يقودها إلى الخارج. إذا كانت الجاذبية مهيمنة، فسيتحرك الكوكب نحو الداخل. وإذا كان جمودها الذاتي مهيمناً، فإن الكواكب سوف تدور في الفضاء العميق.

المصدر : universetoday.com

مصدر الصورة : nature.com

 

ترجمة و تحرير : ماجدة حرباوي.